القائمة الرئيسية

الصفحات

❣️إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام❣️



يقول الله عز وجل

 فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (١٠١) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥) إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (١٠٦) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٠٨) سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ (١٠٩) 

 بعدما نصر الله إبراهيم على قومه بعدما شاهدوا الآيات العظيمة، ومنها النار التي ألقوا إبراهيم فيها، ولم يحدث له شيء بأمر الله، وقال الله لها: كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا ~الأنبياء ٦٩، ولو لم يقل: وَسَلَامًا لربما تأذى من بردها. 

 قرر إبراهيم عليه السلام الخروج من بين أظهرهم  ودعا الله (ولم يكن له ولد)

 رب هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ~الصافات ١٠٠

أي ولدًا صالحًا، فاستجاب الله تعالى له فقال فبشرناه بغلام حليم 

و لأن الطفل الصغير قد لا يظهر حلمه وهو رضيع فكانت هذه بشرى ببقاء ذلك الولد، وأنه لا يموت رضيعًا. وكانت البشارة على ألسنة الملائكة.

ولما بلغ معه المبلغ الذي يسعى فيه الولد مع أبيه، صار الآن يُعين، يمكن الاعتماد عليه، صار ملازمًا لأبيه، فتعلقت النفس به غاية التعلق لأنه الآن زينة للأب، يمشي بجانبه، يذهب معه، يجيء معه، يكون معه في المحافل، في المجالس، يعتمد عليه، يمكن الاستعانة به، ففي هذا السن يكون الولد أحب ما يكون لوالديه، قد ذهبت مشقته، وأقبلت منفعته.

أرى الله إبراهيم في المنام رؤيا ذبح ابنه، ورؤيا الأنبياء حق إذا رأوا في المنام شيئًا فعلوه.

قال النبي صلى الله عليه وسلم

إنا معاشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا

لذلك فما يرونه في المنام يكون أمراً من الله

والأمر لا بدّ من إنفاذه، وإنما أخبر الخليل ابنه بذلك

ليكون أهون عليه بدلاً من أن يفاجأه بالذبح، وليختبر صبره وعزمه في صغره على طاعة الله وطاعة أبيه، وهنا تظهر أهمية التربية و أثر التربية،  فقد تلقى تربية نبوية من إبراهيم الخليل، فليس عجيب أن يطيع في ذبح، ولذلك قال صابرًا محتسبًا مرضيًا لربه مطيعًا لوالده: يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ، و ذلك يدل على أن الولد مؤمن بهذا الأمر،

فقال مشجعاً لأبيه نفّذ يا أبي لا تتردد.

وقال سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ.

 لأن المسألة تحتاج إلى صبر وصدق في وعده، ولذلك قال الله تعالى في إسماعيل:

 وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ~سورة مريم (٥٤)

 فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ

لَمَّا أَسْلَمَا.. إبراهيم يسمي على الذبح، والولد يتشهد قبل الموت

وقيل: أَسْلَمَا، يعني: استسلما، وانقادا، وامتثلا للأمر رغبة فيما عند الله، خوفًا من عقاب الله.

وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ، قلب إبراهيم إسماعيل على جبينه ليذبحه منكبًا على وجهه لئلا ينظر إليه وقت الذبح، فلعله يرى من ألم الولد وتغير وجهه عند الذبح ما يجعله يتراجع.

فلما جر إبراهيم السكين، عطل الله خاصية القطع في السكين كما عطل خاصية الإحراق في النار، وقد اختار إبراهيم عليه السلام شفرة قوية حادة لسرعة إنجاز المهمة.

 فالتفت إبراهيم، فإذا بكبش أبيض أقرن أعين، ذو عيون كبيرة، كبش جميل.

ونَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا

يكفي ما حدث من تنفيذ الأمر وبالتالي فإن الابتلاء قد تم، والطاعة قد ظهرت.

وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ

كبش كبير الجسم من الضأن وهذا الكبش الذي جعله الله فداء بدلاً من الولد، فانتقل الأمر من ذبح المولود إلى ذبح الكبش، فصار الكبش فداء للولد.

وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ.. الهاء تعود على إبراهيم عليه السلام

فِي الْآخِرِين.. ثناء جميلاً، وذكرى عطرة، وسيرة حسنة، وأخبار جميلة تتناقلها الأمم عن إبراهيم عليه السلام

ولذلك كل الأمم تحب إبراهيم (اليهـ ود والنصا رى والمسلمون) هذه الطاعة المطلقة لله أعقبها الله ثناء على إبراهيم من الجميع.

 اليهـ ود يقولون: إبراهيم يهـ ودي 

 النصا رى يقولون: إبراهيم نصر اني 

يقول الله عز وجل

مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا ~آل عمران ٦٧

سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ.. من الله سلام من الآفات.

و قد رأينا كيف أن الله سن لنا سنة الأضحية.

وأمرنا بالحج إلى الكعبة لنتذكر بعض مما كان يفعله إبراهيم الخليل.

فالسعي : لما كانت هاجر تسعى بين الجبلين.

والكعبة : بناها إبراهيم الخليل.

والنداء بالحج أول من نادى به إبراهيم الخليل

لذلك يقول الحجاج (لبيك اللهم لبيك) جاءوا ملبيين النداء.

والأضحية نتذكر ابتلاء إبراهيم عليه السلام في ذبح ابنه.

ورمي الجمار نتذكر به إبراهيم الخليل عندما رمى الشيطان بالجمار لما جاءه ليصده عن ذبح إسماعيل.

 النبي ﷺ ضحى بكبشين أقرنين، وورد أنه ضحى بالبقر عن زوجاته، وأهدى في الحج، ونحر ﷺ البدن بيده الشريفة، نحر ثلاثًا وستين، وكانت تتسابق إليه البدن، تتسابق كل واحدة تضع عنقها عند يده لينحرها، هذه من المعجزات لأن العادة أنها تنفر من الذابح أشد النفور.

نسأل الله تعالى أن يرفع درجة إبراهيم عليه السلام، وأن يجعلنا من المنتفعين بسيرته وسيرة نبينا ﷺ وصلى الله على نبينا محمد و على آله وصحبه والتابعين.


تعليقات