أصحاب الأخدود
قال تعالى قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9) سورة البروج
سميت قصة أصحاب الأخدود نسبة للأخدود الذ تم حفره وحرق المؤمنين به.
إنها قصة فتى آمن فصبر و ثبت فآمنت معه قريته.
لقد كان غلاماً نبيهاً ولم يكن قد آمن بعد، و كان يعيش في قرية ملكها كافر يدّعي الألوهية.
وكان للملك ساحر يستعين به، وعندما تقدم العمر بالساحر، طلب من الملك أن يبعث له غلاماً ليعلّمه السحر ليحلّ محله بعد موته، فاُختير هذا الغلام و أُرسل للساحر.
فكان الغلام يذهب للساحر ليتعلم منه و في طريقه كان يمرعلى راهب فجلس معه مرة و أعجبه كلامه فصار يجلس مع الراهب في كل مرة يتوجه فيها إلى الساحر.
و كان الساحر يضربه إن لم يحضر.
فشكا ذلك للراهب، فقال له الراهب :
إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي و إذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر.
وكان في طريقه في أحد الأيام، فإذا بحيوان عظيم يسد طريق الناس، فقال الغلام في نفسه :
اليوم أعلم أيهما أفضل، الساحر أم الراهب.
ثم أخذ حجراً وقال :
اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس.
ثم رمى الحيوان فقتله، و مضى الناس في طريقهم فتوجه الغلام إلى الراهب و أخبره بما حدث، فقال له الراهب :
يا بني أنت اليوم أفضل مني و أنك ستُبتلى، فإذا ابتُليت فلا تدل عليّ.
و كان الغلام بتوفيق من الله يبرئ الأكمه والأبرص ويعالج الناس من جميع الامراض، فسمع به أحد جلساء الملك، و كان قد فقد بصره، فجمع هدايا كثيرة و توجه بها للغلام وقال له :
أعطيك جميع هذه الهدايا إن شفيتني.
فأجاب الغلام :
أنا لا أشفي أحداً، إنما يشفي الله تعالى فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك.
فآمن جليس الملك فشفاه الله تعالى.
فذهب جليس الملك و قعد بجوار الملك كما كان يقعد قبل أن يفقد بصره، فقال له الملك :
من رد عليك بصرك؟
فأجابه الجليس بثقة المؤمن : ربي.
فغضب الملك وقال : ولك رب غيري؟
فأجابه المؤمن دون تردد : ربي و ربك الله.
فثار الملك و أمر بتعذيبه، فلم يزالو يعذبونه حتى دلّ على الغلام.
أمر الملك بإحضار الغلام ثم قال له مخاطباً : يا بني لقد بلغت من السحر مبلغاً عظيماً حتى أصبحت تبرئ الاكمه والأبرص و تفعل وتفعل.
فقال الغلام : إني لا أشفي أحد، إنما يشفي الله تعالى.
فأمر الملك بتعذيبه فعذبوه حتى دلّ على الراهب.
فأُحضر الراهب و قيل له : ارجع عن دينك. فأبى الراهب ذلك.
و جيء بمنشار ووُضِع على مفرق رأسه ثم نُشر فوقع نصفين
ثم أُحضر جليس الملك و قيل له : ارجع عن دينك فأبى، ففُعِل به كما فُعِل بالراهب.
ثم جيء بالغلام و قيل له : ارجع عن دينك فأبى الغلام.
فأمر الملك بأخذ الغلام لقمة جبل و تخييره هناك، فإما أن يترك دينه أو أن يطرحوه من قمة الجبل، فأخذ الجنود الغلام و صعدوا به الجبل.
فدعى الفتى ربه : اللهم اكفينيهم بما شئت.
فاهتز الجبل وسقط الجنود و رجع الغلام يمشي إلى الملك فقال الملك : أين من كان معك؟
فأجاب : كفانيهم الله تعالى.
فأمر الملك جنوده بحمل الغلام في سفينة و الذهاب به لوسط البحر ثم تخييره هناك بالرجوع عن دينه أو إلقاءه.
فذهبوا به فدعى الغلام الله : اللهم اكفينيهم بما شئت.
فانقلبت بهم السفينه و غرق من كان عليها إلا الغلام.
ثم رجع إلى الملك فسأله الملك باستغراب : أين من كان معك؟
فأجابه الغلام المتوكل على الله : كفانيهم الله تعالى.
ثم قال للملك: إنك لن تستطيع قتلي حتى تفعل ما آمرك به.
فقال الملك : ما هو؟
فقال الفتى : أن تجمع الناس في مكان واحد وتصلبني على جذع ثم تأخذ سهما من كنانتي و تضع السهم في القوس و تقول (بسم الله رب الغلام) ثم ارمني ، فإذا فعلت ذلك قتلتني.
استبشر الملك بهذا الأمر فأمر على الفور بجمع الناس و صلب الفتى أمامهم ثم أخذ سهما من كنانته ووضع السهم في القوس وقال بسم الله رب الغلام ثم رماه فأصابه فقتله.
فصرخ الناس آمنا برب الغلام!
فهرع اصحاب الملك إليه وقالوا : أرأيت ما كنت تخشاه, لقد وقع ! لقد آمن الناس.
فأمر الملك بحفر شق في الارض و إشعال النار فيها ثم امر جنوده بتخيير الناس فإما الرجوع عن الايمان أو إلقائهم في النار, ففعل الجنود ذلك حتى جاء دور امرأه ومعها صبي لها فخافت أن تُرمى في النار فألهم الله الصبي أن يقول لها يا أماه اصبري فإنك على الحق.
وقُتل أصحاب الأخدود ونجى شخص واحد فقط هو دوس ذو ثعلبان وتناصر بالنجاشي في أرض الحبشه (طلب العون منه) فجهز النجاشي جيشاً من سبعين الف بقياده ابرهه الأشرم وأرياط وانتصر على ذو نواس (الملك الذي حرق المؤمنين بالأخدود) وبنى ابرهه كنيسه القليس ليحج اليها العرب وذلك إرضاءاً للنجاشي.
تعليقات
إرسال تعليق
لا تنسوا الدعاء للموتى من المسلمين والمسلمات بالرحمة والمغفرة